نشرع قبل الحديث عن العمل الدابر [1] الذي يبلغ صعود المنابر بمدخل عن
كرب الغرق والمنابر
قال رسول صلى الله عليه وسلم :
{ يكون الناس على قدر أعمالهم في العرق ، فمنهم من يكون إلى كعبيه ، ومنهم من يكون إلى ركبتيه ، ومنهم من يكون إلى حقويه ، ومنهم من يلجمه العرق إلجاما }[2]
والكفار يلجمهم العرق إلجاماً
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{يشتد كرب ذلك اليوم حتى يلجم الكافر العرق }[3]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ لم يلق ابن آدم شيئاً منذ خلقه الله عز وجل أشد عليه من الموت ، ثم قال إن الموت أهون مما بعده ، وإنهم ليلقون من هول ذلك اليوم شدة حتى يلجمهم العرق ، حتى لو أن السفن أجريت فيه لجرت }[4]
العصاة من أهل التوحيد غرقهم في عرقهم على قدر أعمالهم
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{يعرق الناس يوم القيامة حتى يذهب عرقهم في الأرض سبعين ذراعاً ، ويلجمهم حتى يبلغ آذنهم}[5]
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
{ والذي نفسي بيده إن الرجل ليفيض عرقاً حتى يسيح في الأرض قامته [أي حتى يتجمع عرقه على الأرض] ثم يرتفع حتى يبلغ أنفه ، وما مسه الحساب ، قالوا مم ذاك ؟ قال مما يرى الناس ويلقون } [6]
المؤمنون مكرمون على الكراسي
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
{ المؤمنون يومئذ توضع لهم كراسي من نور}[7]
مما يتنعم به المؤمنون في ذلك اليوم جلوسهم على الكراسي
الناس في ضيق المحشر ولا يجد كل إنسان إلا موضع قدمه غارقين في عرقهم ومع ذلك هناك من هو على منابر من نور لا يشعر بهذا الغرق الذي فيه الناس , فيكون الناس في كرب عظيم وخوف مما ترى وتجد من هذه الأهوال ويتمنوا أن ينتهوا من هذا الموقف ولو بالدخول إلى النار يفضلوا النار على هذا الكرب
وهناك أُناس مميزون مرفوعين على منابر فلا يطولهم غرق العرق الذي يمتد كربه بأهل الموقف فلا يخافون مما يخاف منه الناس لأنهم منعمون على كراسي من ذهب , الله تعالى يجلسهم على منابر من نور على منابر يراهم الخلائق أجمعين وهم أصحاب العلاقات الاجتماعية التي تكونت ابتغاء وجه الله والتي ينالون بها مع المنابر محبة الله لهم
قال صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى:
{حقت محبتي على المتحابين في، وحقت محبتي على المتناصحين في، وحقت محبتي على المتزاورين في، وحقت محبتي على المتباذلين في، وهم على منابر من نور، يغبطهم النبيون والصديقون بمكانهم} [8]
هذا هو التميز هذا هو الجلوس على المنابر
وهذه هي المنابر الخاصة بأصحاب المنازل الرفيعة يوم القيامة التي يسعى لها ولتحصيلها كل من عنده همة لأن تكون له مكانة يوم القيامة لكل من يريد التميز يوم القيامة للذين لا يريد العلو والتميز في الدنيا بالتعالي على الناس بالجلوس على كراسي المناصب الزائلة التي يتمسك أصحابها بها ولا يريدون أن ينفكوا عنها ولكن يريدوا العلو على كراسي الذهب على منابر النور التي تميزهم في المحشر وسائر مواطن يوم القيامة
بماذا يصعدوا هذه المنابر ويجلسوا عليها مكرمين من ربهم تعالى ؟
يُجلس على هذه المنابر يوم القيامة بالعلاقات الاجتماعية التي تبنى ابتغاء وجه الله ومرضاته وليست علاقات مصالح دنيوية
وتكون بالمحبة والبذل في طاعة الله
يُجلس على هذه المنابر بالزيارات والبذل والنصح ابتغاء وجه الله
هذه الحالات التي ينال أصحابها المنابر يوم القيامة الذي يكون حسرة وندامة على كل من يبني علاقاته على غير مرضاة الله
[1] الدابر معناه الغالي
[2] مسلم 17/194
[3] ابن حبان في صحيحه 7419 , حسنه الحافظ ابن حجر في الفتح 11/402 حسنه محققوا الترغيب 4656
[4] المجمع 10/154 عزاه للطبراني في الأوسط وقال إسناده حسن , ضعفه الألباني في الترغيب 2091 , حسنه محققوا الترغيب 5258
[5] البخاري 6532
[6] الطبراني في الكبير 10083 , ضعفه الألباني في الترغيب 2092 , حسنه محققوا الترغيب 5259
[7] ابن حبان في صحيحه 7419 حسنه الحافظ ابن حجر في الفتح 11/402 حسنه الألباني في الترغيب 5390
[8] زوائد السند 5/328 , ابن حبان 577, صححه الألباني في صحيح الترغيب 3019